هذه الدعاوى على رغم الشكوك في إمكان تغييرها مسار التحقيقات، إلا إنها حتماً تشكّل دافعاً متيناً للمتضررين مادياً وجسدياً للمطالبة بالمحاسبة، لا سيما لأولئك الذين فقدوا أحبّة في التفجير.
يوسف ملَّاح لملكة انسانية فيه، وقدرته على تظهير المظلومية التي تسببت بها السلطة بحق من يمثلهم، تُوجّب تقديمه “رمزاً” لتلك الشريحة التي تتماهى والإنسانية في زمن احتضار الأخيرة بيد من ابتلينا بسلطتهم .
يشكّل القطاع السياحي نموذجاً حيّاً لما تعانيه البلاد من تدهور اقتصادي، إذ عمدت مؤسسات إلى الإقفال الكلي أو الجزئي، وخفض رواتب موظفين، أو تسريحهم، لا سيما عبر إجبارهم على توقيع استقالاتهم قسراً.
إنه المبنى نفسه الذي اختارته إعلامية لتعرض أمام ركامه فستاناً قالت إن عائدات بيعه ستكون من نصيب المنكوبين. كل هذا كان يحصل إلى جانب نبضات قلب يخفق تحت الركام.
هنا في أفقر مناطق بيروت والتي أصبحت دماراً، مسنّون يريدون أن يعيشوا بقية حياتهم بشيء من الراحة والكرامة بعد الحرب الأهلية والاجتياح الإسرائيلي، وهناك من يردّد: “باقون، لأن هذه الأرض لنا”.
كثيرون ما كانوا ليفكروا بالذهاب إلى مرفأ بيروت لولا التفجير. وكثيرون ربما يرون البحر من جهة المرفأ للمرة الأولى بعد هذا التفجير. فالمرفأ كان يغطي البحر ويمنعه عن الناس. كان سداً في وجه التواصل بين برّ المدينة وبحرها.
بينما تبحث أم عن شيءٍ من أشلاء ابنها تحت أنقاض الركام في مرفأ بيروت، يلاحق الأمن من كسر صورة الرئيس، وتضرب السلطة بيدٍ من حديد كل من يطالب بمحاسبة المسؤولين عن الفساد الذي انفجر في وجوه اللبنانيين.
حتى القبطان بروكوشيف يرى أن مسؤولية الكارثة تقع على عاتق السلطات اللبنانية. إذْ قال، “هم مذنبون أيضًا. فلم يكن هناك داعٍ لحجز السفينة. كان بإمكانهم أن يتخلصوا منها بنحو أسرع من هذا”.