كل هذا التراكم للحظات النهاية، كل هذا التراكم الكمي والمعنوي المفتوح للبوابات الجحيم، لكي تكون آخر آمال السوريين على شكل سؤال: ما هو أفضل سيناريو للموت؟ أهالي المعتقلين والمغيبين الذين أُنهكت أرواحهم وأجسادهم، وتلفت أعصابهم، وهم يرددون تلك العبارة” بس بدنا نعرف لو كان فلان عايش أو ميت”.
والحال أنّ الوصول والعبور كانا، بالنسبة إلى معظم الأصدقاء السوريّين، شيئاً واحداً. بعضهم راوده أن يستقرّ في لبنان. بعضهم ربّما فكّر في أن يكون لبنان محطّة تمرين على تغريبة أوروبيّة لاحقة. شاهدوا هنا جبران باسيل قبل أن يشاهدوا هناك ماتّيو سالفيني.
كان من الصعب ألّا تموت مي سكاف الآن! كان من الصعب ألّا تُتوج الاختناق السوري بميتة غير مفهومة. إنها اللحظة المناسبة جداً للموت، ومي إذ لا نعرف ما إذا كانت قد اختارت موتها، أم أنه اختارها، فالأمران سيان، ذاك أن الوقت قد حان لكي تعلن سوريّةً مثل مي موتها.