ربما لو أن جنرال الرابية الغضوب (الذي اشتهر بشتائمه)، لم يصبح الآن رئيساً للجمهورية، لكان استبدل خطاباته الهادئة الحنون بكيل من الشتائم التي كنّا معتادين عليها. أما شتائم اللبنانيين في الشوارع، فمرفوضة وغير مقبولة “بلا تهذيب”!
لم يبق للحزب سوى المشهد الميليشيوي يستعين به لمواجهة المأزق. وما القول أن تيار المستقبل والقوات اللبنانية هما من يحركان الشارع إلا صورة عن حال الاختناق التي وضع حزب الله نفسه بها.
لن يهاجر علاء أبو فخر يا فخامة الرئيس لأنه مات، ونحن لن نهاجر لأننا لا نقوى على الهجرة، ولأننا نشعر اليوم باحتمال قيامة، وباحتمال إطاحة من يريدنا أن نهاجر.
ثمة جديد في الطرح. فعلى عكس معظم ردود الأفعال على الكلمة الثانية منذ بدء الحراك الثوري للرئيس اللبناني، الجنرال السابق، ميشيل عون، التي ألقاها في 31 تشرين الأول/ أكتوبر، فإن من الممكن القول إن هذه الكلمة جاءت بجديد، بل وبجديد مترقّب منذ مدّة.
بعد ثلاث سنوات يا حضرة الرئيس، تهجّر المزيد من أصدقائي وأقربائي إلى الخارج، والذين بقوا هم الذين لا حلّ آخر أمامهم. بعد ثلاث سنوات من عهدك، ها هي الثورة تعمّ البلاد، ويتمّ قمعها بشتى الطرائق
بدا الشعب متضامناً مع نفسه، مطالباً بإسقاط جميع من في السلطة، وتكرر بين الجموع تعبير “كلن يعني كلن”. وتراجعت بشكل لافت تعابير الاستدراك والاستثناء التي تلي عادة هذا التعبير، وبدا الناس راغبين بإسقاط الجميع
جبران باسيل رئيساً وهؤلاء وزراؤه. هم أنفسهم الذين يشعرون بأن المسلمين يحرقون أحراجهم، وأن بولا يعقوبيان امرأة من السهل إسكاتها عبر التلويح بـ”شرفها”. لبنان سيحلق عالياً. اقتصاده في عهدة “حزب الله”، وقيمه وأخلاقه في عهدة العونيين
الوضع القاتم الذي يمر فيه لبنان على المستويين المالي والاقتصادي، هو تتويج لمسار بدأ مع انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية، من دون أن يعني ذلك أن عون وتياره هما المسؤولان عما آلت إليه أوضاع الليرة اللبنانية من هشاشة وضعف.
أيهما أكثر أهمية لحزب الله، أن يمنع عامر فاخوري من العودة إلى لبنان، أم أن يشعر أمينه العام حسن نصرالله بأن بإمكانه أن يعلن أن لبنان هو جزء من “مخيم” يقوده المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية؟
للقذيفة على مكتب باسيل وظيفة في هذا المشهد. الرجل أحسن توظيفها. عمل وفق الحكمة التي قالها يوماً حافظ الأسد لبيار الجميل الجد في لقائهما الوحيد. قال له حينها: “ضع فلسطين في فمك واحكم لبنان”. باسيل اليوم هو الديكور المسيحي لسلطة “حزب الله” في لبنان
علم “درج” أنّ الرئيس اللبنانيّ العماد ميشال عون عقد في القصر الجمهوريّ ببعبدا خلوة مغلقة مع أركان حزبه المعروف بـ “التيّار”، حيث أبلغهم موقفاً مفصّلاً من موضوع العلاقة بدمشق في ظلّ الرئيس بشّار الأسد.
لم يعد المسيحيّ المتوسّط، بعد اتّفاق الطائف الذي غيّر المعادلات وأضعف الرئاسة المارونيّة، قادراً على قراءة السياسة اللبنانيّة وتعقّلها. لقد فقد أدوات تحليلها فصارت عنده لغزاً عجائبيّاً يعالجه بالسذاجة الفولكلوريّة أحياناً، وبالعنتَرة الفارغة في أحيان أخرى.
أذاع المكتب الإعلاميّ لرئيس الجمهوريّة اللبنانيّة السابق ميشال سليمان بياناً أكّد فيه صحّة الخبر الذي سبق لـ “درج” أن نشره قبل يومين. ويقول الخبر الذي حمله البيان المذكور أنّ سليمان ينوي الترشّح في المعركة الرئاسيّة المقبلة
“العونيّة”، زجل محض، وزجل رحبانيّ خصوصاً: إنّ حلّ المعضلات يبدأ بإنشاد الأناشيد والتعويل على “مختار” أو “شاويش” يصالح “المتخانقين” في احتفال أو سهرة عامرة. “بيي راح مع العسكر” و”هلّي عالريح” و”بحبّك يا لبنان”… لو سمعها نوّاف الموسوي، وخصوصاً لو أنشدها، لتخلّى “حزب الله” عن سلاحه.
“أيّ لبنان نريد؟”، السؤال الذي كان بيار الجميّل، الجَدّ، يُكثر من طرحه، أُجيبَ عنه سلباً وبالممارسة وأكثر من مرّة: كلٌّ منّا يريد لبنان ما، وهذه اللبنانات التي نريدها غير قابلة للتلاقي، أو حتّى التقاطع في ما بينها.
بغض النظر عن البيجاما ولونها وعمّا حدث وعما لم يحدث، يبدو صعباً للغاية أن يولد المرء مارونياً لبنانياً في هذه البقعة المقسومة إلى جبهتين، 13 تشرين الأول/ أكتوبر و14 أيلول/ سبتمبر.