إذا كان لمسار هذا الملفّ الطويل المشوب بالتجاذبات والتعقيدات من عبرة، فهي أهميّة ألّا يماطل القضاء، وأن يتّخذ قراراً بالاعتراف بعلاقات السلطة الفادحة التي تحكم الأسر في لبنان ويقرّ بدور التاريخ العنفي الذي تعجّ به حيوات الآلاف من النساء في تأجيج المظالم ضدهنّ.
“كل شي عنا عيب. عيب تطلقي في المجتمعي القروي، عيب تشتكي على زوجك بالذات إذا كان ابن عمك وعيب ما بعرف إيش. لازم الوحدة تاخد قرارها قبل ما تضيع حياتها وحياة أطفالها. أنا مش بس حياتي ضاعت كمان حياة أطفالي ضاعت…”.
لم أستطعْ فعلَ شيء لها، تابعتُ طريقي بعد أن ضربها على رأسها بقوّة وسط الشارع حتى كادت تقعُ أرضاً، كانت في الثالثة أو الرابعة عشر من العمر، لم تجرؤ على رفعِ رأسها بعدما ضربها مردداً: “ياكلبة”.
عمّمت معظم انتفاضات العالم العربي شعار “الثورة أنثى” حتّى طبعت الجملة ذاكرتنا الثوريّة الجمعيّة. ولكن، هل فعلاً الثورة أنثى؟ وأين الخلل في هذه المقولة؟
المظاهرات التي جزم البعض أنها ظرفية إذ شهدت أعمال عنف، وخروج الحرس الوطني وتهديد الرئيس بنشر الجيش، لاتبدو في الحقيقة مظاهرات عابرة، بل نقلة نوعية تتسم بخروج الجيل الجديد عن صمته
“شو يا سودا” نادى رجل الأمن -أمام أحد المستشفيات- ابنة شقيقتي، وأنا جالسة في الحديقة أحضّر لسرد بعض القصص هنا، توقفت لبرهة وسألته، ماذا تعني بمناداة الطفلة بذلك؟ أجاب، “كان مزاحاً”.
إحالة جميع الأمور المتعلقة بالمرأة وما يُطلق عليه “الأسر”، إلى المؤسسات الدينية والقوانين الدينية يُعود بالضرر على النساء والأطفال. بل ثبت أن قوانين الأسرة تُشكل خطراً على المرأة وعلى غير المتقيدين بالتنميطات الجنسانية…