قد تكون حياة كلٍّ منا براقة ومرحة في الوقت نفسه، وسلطانة تعرف ذلك جيداً كسرٍّ دفين توارثته الأجيال التي مهدت الطريق. ليس لتعبيرنا عن أنفسنا حدود إلا إذا اخترنا التقيد بها، وهي اختارت الحرية.
لا يتوقف الفن الكويري عند الجنسانية، بل يتقاطع في كثير من موضوعاته مع الفن الوجودي، فالمجموعات الكويرية تعتبر من الفئات المهمشة، وبهذا هي تتقارب مع أسئلة اللامنتمي الوجودي.
دُفنت قصة حنان معها، في وقت سبق ظهور السوشيال ميديا وقوتها وسرعة انتشارها، بخلاف سارة حجازي، التي استطاعت تدوين معاناتها ومعاناة كثيرات غيرها من العابرات والمثليات…
حسم العلم الجدل، وأكد أن المثلية ليست مرضاً، ولا يقترح عقاقير ولا يستنجد بـ”الإرادة” لـ”الشفاء” منها. الكنيسة اليوم تعتبر المثليين أبناء الرب وتعترف بزواجهم المدني، وبحقهم بالعيش ضمن عائلة…
كُرْه المثليين والتنمر عليهم، هو جزء من مسرح قِيَمي واسع يتيح لبشار الأسد تصدر المشهد، ويمنحه شرعية البقاء، الديكتاتور ليس مجرد رئيس احتكر السلطات وألغى الشعب، هو قبل ذلك، نتيجة قيم تشوبه ثغرات كثيرة، وتمانع أي تغيير.
“أي وحدة عايزة تبقى زي سارة حجازي لازم تتنفي برة مصر…” لم تكن فيديوهات ممثل الأفلام الجنسية المصري شريف طلياني التي هاجم فيها بشدة الناشطة الراحلة سارة حجازة سوى سقوط مدوي لمفاهيم الفحولة ومعاييرها
حادثة انتحار سارة حجازي كانت سبباً في إعلاء صوت مجتمع الميم من جديد ليس في تونس فحسب بل في المنطقة العربية والعالم، “هي فرصة لنصرخ بصوت عال لحقوقنا المهدورة…”
لم تخفِ المتضامنات مع سارة حجازي خوفهن من الوصول إلى خيار الانتحار، فكل فتاة من هذه الطبقة ستواجه المصير ذاته، في حال قررت التمرد على المنظومة أو كما قالت إحداهن بإيجاز وبلاغة “نحن شقيقات سارة حجازي غير الشرعيات، وربما ينتظرنا المصير ذاته…”
“ساهم الوباء في أن ننحي خلافاتنا جانباً، وكان هذا مدهشاً، فأمي متشددة دينياً، لكنها أدركت أن نهاية العالم قد تقترب، وهذه النهاية الوشيكة حطمت سطوة السلطات، التي كانت بمثابة جدران عالية حجبت عني أمي لوقت طويل”.