بينما تبحث أم عن شيءٍ من أشلاء ابنها تحت أنقاض الركام في مرفأ بيروت، يلاحق الأمن من كسر صورة الرئيس، وتضرب السلطة بيدٍ من حديد كل من يطالب بمحاسبة المسؤولين عن الفساد الذي انفجر في وجوه اللبنانيين.
أقلّم أظافري فيما أتفرّج على البلاد. يمرّ حلم بين أظفور وآخر، أحياناً يمرّ قتلى، وأحياناً قتلة. أفكّر إن كانت العدالة تستوجب أن يعود القتلى من نومهم لنحر القتلة. ثمّ أفكّر بأن اللاعدالة التي نحن فيها، تستوجب ألا يعود القتلى وألا يحاسب أحد القتلة.
كان المقهورون المذلولون يتوقعون من ملحم خلف أن يتجرّأ على السلطة التي تقهرهم وتذلهم ويواجهها بجرائمها وشتائمها وإهاناتها المتواصلة بحق الشعب اللبناني بأسره.
ما يحصل الآن هو احتلال السلطة ساحة التظاهر. الأحزاب تدفع مناصريها إلى هناك فيما يجلس قادتها في غرف السلطة المظلمة. الحكومة مشكلة من أطراف محددة الهوية السياسية، وهذه الأطراف هي نفسها جزء من “الثورة الجديدة”! أي متاهة هذه؟
رهان الحكومة الأخير سيكون بلا شك قرض صندوق النقد الدولي، لكن حتى هذا المسار المؤلم بنتائجه الاجتماعيّة ما زال يراوح مكانه، في ظل عراقيل كثيرة توحي بأن مسار هذه المفاوضات سيكون طويل وشاق.