مع بزوغ نجم المحللين النفسيين بداية الخمسينيات، وتنامي نفوذهم، بدأت “نخبة” أمريكية جديدة تنبثق يَربطها قاسم مشترك يتجسّد في الفرضية الفرويدية القائلة بلاعقلانيّة الجماهير. كان الطريق أمام تلك النخبة مفتوحاً ومُعبّداً لاستغلال التقنيات النفسية الجديدة في السيطرة على لاوعي الجمهور..
اعتقدت آنا فرويد أنّ بإمكانها تحرير أطفال برلنغهام وتخليصهم من اضطراباتهم بتغيير شكل العالم في أذهانهم وتصويره كحالة طبيعية، اعتقدت أنّ بإمكانها أن تدخل بيئتهم الخاصة، تتحدث مع والدتهم، ترافقهم إلى المدرسة، أن تُحيط بكل عالمهم الخارجي-الحقيقي وتؤثر فيه.
قبل الاستطلاع العلمي للرأي العام الذي أسسه غالوب، كانت الأفكار الأكثر شيوعاً هي أنه لا يمكن الوثوق بالرأي العام لأنه لاعقلاني، غير ذي علم، فوضوي، وجامح.. لكن غالوب كان يرى أن الناس عقلانيون، وأنه يمكن أخذ قرارات صائبة منهم.
“ساهم الوباء في أن ننحي خلافاتنا جانباً، وكان هذا مدهشاً، فأمي متشددة دينياً، لكنها أدركت أن نهاية العالم قد تقترب، وهذه النهاية الوشيكة حطمت سطوة السلطات، التي كانت بمثابة جدران عالية حجبت عني أمي لوقت طويل”.
ما فعلهُ بيرنيز حين أقنع نساء الولايات المتحدة بالتدخين بدعوى أنه “يجعلهنّ مستقلّات” سَحَر الشركات الأمريكية التي ازدادت ثروتها وقوّتها في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى.
أخبرَ بريل بيرنيز أن السجائر يمكن أن ترمز لقضيب الرجل وقوته الجنسية، ثم أخبره أنه لو كان بالإمكان إيجاد طريقة لربط السجائر بفكرة تحدّي الذكورية فستدخّن النساء، لأنهن حينئذٍ سيمتلكن أعضاءهن التناسلية الذكرية الخاصة بهن.