كلّ ما يهمني الآن شراء حمار لنقل المياه من “عين الضيعة”، لأنها بعيدة نسبياً من المنزل وكلما أتذكر سنين طفولتي حاملا “غالون” 20 ليتراً من أسفل القرية إلى المنزل، يؤلمني ظهري.
بطبيعة الحال كان يمكن تفادي المزيد من الضحايا لو أن الدولة اللبنانية استجابت لاستغاثة عكار بسرعة، أو لو أن السلطات المحلية في البلديات تمتلك المعدات اللازمة لمواجهة الكوارث.
لطالما كانت عكار منسية وليست المجزرة الأخيرة سوى مشهد من مشاهد النسيان الكثيرة، ونتيجة حتمية للإهمال والمراوغة والوعود التي لا يفي بها أحد. عكار الجريحة اليوم ضحية هذا التعاون المصلحي بين سياسيين ورجال أعمال، على حساب الفقراء والمنهكين.
الرئيس ميشال عون عبر عن حزنه الشديد في تعليقه على مجزرة عكار، كذلك الأمر فعل صهره جبران باسيل، ولكن هل سيعبران عن أسفهما أيضاً لجهة أن لديهما نائباً يمثلهما هو من يحمي مهربي عكار، وهل سيوافقان على رفع الحصانة عنه إذا ما اقتضى الأمر؟!
“شو إجاكي بنت أو عسكري؟” إنها النكتة الأكثر تداولاً عن عكار. فعلاً لا يكاد يخلو بيت في عكار من “عسكري”، فأصبح لقب “خزان الجيش”، يرافق كلمة عكار في الإعلام وبخاصة عند أي حادث يتعرض له الجيش.
عندما طرحت المذيعة سؤالاً على أحد العكاريين عن سبب وجوده في بيروت للتظاهر، عادت إلى ذاكرتي عشرات الاسئلة التي كانت تطرح عليّ كعكاري في الجامعة اللبنانية: “وين بتصير عكّار؟”