اللافت في الجنوب اللبناني هو ثورة اللبنانيين التي انطلقت من مركز عنصرية السلطة ضد أبرز وجوهها. ففي صيدا تعلو الهتافات ضد فؤاد السنيورة وسعد الحريري. تماماً كما تصدح هتافات شيعة الجنوب في وجه السلطة الشيعية في صور والنبطية.
قراراتٌ كبرى ومآسٍ عدّةٌ سجّلتها التسعينات صنعت لنصر الله كاريزماه.دخل الحزبُ الحياة السياسيّة. التحوّلات تلك رافقها عنصر راسخٌ في النفوس صبّ كسباً صافياً في رصيد المولود الجديد: إنّه قدسيّة المقاومة. قاومْ وبعدذاك افعلْ ما تشاء…
قدّمت “أمل” و”حزب الله”، بصعودهما وانتصارهما، أكثر الانقلابات الطبقيّة داخل الطوائف اللبنانيّة جذريّة. لكنّ الانقلاب هذا ربّما كان أيضاً الأقلّ إقناعاً بأنّ الانقلابات أفضل ممّا تنقلب عليه
تحوّل حزب الله قوّةً لا تملك مثلها الدولة والجيش اللبنانيّان، والأخيران مُعرّضان أصلاً للانشقاق في أيّة لحظة. أمّا القوّة هنا فلا تقتصر على المعنى العسكريّ، إذ تشمل المؤسّسات – الاجتماعيّة والطبّيّة والإعلاميّة والتعليميّة والكشفيّة وسواها
في ظلّ اختفاء الإمام الصدر في ليبيا، انتصرت ثورة الإمام الخميني في إيران، فيما بدأت الطائفة الشيعيّة اللبنانيّة تتبلور كقوّة عسكريّة. هكذا هبّ العنف مجدّداً من كلّ صوب، في الأفعال لكنْ أيضاً في الكلام والكتابة والمخاطبات العامّة.
لقد حاول “السيّد موسى” أن يلوّح بالسلاح كي لا يستعمله. لكنّ كثيرين، ممّن اجتمعت فيهم طفولة شريرة وكهولة متخشّبة، راحوا يشدّونه من ثوبه إلى الحرب. أمّا الزمن فكانت تحتشد في سمائه غيوم كثيرة كما تهبّ عواصف سوداء لا يقوى الحالمون على مواجهتها. الحسم، لا الحيرة، بدا سيّد المواقف.