هل يسعى قيس سعيد فعلا لإصلاح ومحاسبة المخالفين من الجمعيات والمنظمات والبالغ عددها أكثر من 22 ألف جمعية؟ أم أن الهدف هو إحكام السيطرة على قطاع حيوي تحرَّر منذ ثورة 2011 ؟
كان سعيد يستشيرها في كل كبيرة وصغيرة وهي فعلياً كاتمة أسراره، كما نجحت عكاشة في وضع طوق حوله، بحيث كانت تُفلتر المعلومات التي تصله وتفتح البريد الرئاسي وتطّلع عليه قبل تحويله للرئيس.
لم تجد “حركة النهضة” هذه المرة الفرصة لتروج لنفسها كضحية ومستهدفة، هي التي تجيد لعب أدوار المظلومية، فالضحية من أبناء الحركة والجلاد هم قادتها، ولا مجال للتنحّي من وجه الجريمة أو التنصّل من المسؤولية ومن ارتدادات الحادثة.
وضع الحقوق والحريات في تونس بات يقلق الجميع ليس بسبب عدد المحاكمات العسكرية في ما يتعلق بالرأي وحسب، بل أيضاً بسبب تواصل حملات السحل الإلكتروني ضد منتقدي قيس سعيد.
حكومة بودن لاقت ترحيباً كبيراً في الأوساط السياسية في تونس التي استبشرت باحتوائها الكثير من الكفاءات، باستثناء “حركة النهضة” التي اعتبرتها “حكومة الانقلاب”.
“أطراف الصراع السياسي في تونس تحولوا من سياق الشرعية الانتخابية إلى البحث عن المشروعية الشعبية في الشارع. وهذا الأمر أصبح مهماً جداً من أجل التموقع في الداخل وبعث رسائل إلى الخارج”.
المتغيرات الحاصلة في المغرب وتونس وليبيا، ستشجع على إخراج الإسلاميين من الحكم، لا سيما أن هذه الجماعات خيبت آمال الشعوب وفشلت في إدارة الأزمات في هذه البلدان، حيث تضاعف الفقر والتهميش والفساد والانتهازية.
الرئيس سعيد لا يحب الإعلام التونسي لأنه يعتبره جزءاً من منظومة الفساد التي يرغب في اجتثاثها، كما يعتبره مرتهناً للمنظومة القديمة التي تمثلها “حركة النهضة” الإسلامية مع حلفائها من حزب بن علي وغيرهم.
بات من الواضح أن “حركة النهضة” تعيش حالة تخبط عميق، فلا هي قادرة على فتح قنوات تواصل مع رئيس الجمهورية وفك عزلتها السياسية ولا هي قادرة على إعادة ترتيب بيتها الداخلي، الذي خربته الصراعات والانقسامات، نتيجة تجربة الحكم الفاشلة.
تحولت الحياة في تونس إلى “مرحلة انتظار دائم” تتخللها إعلانات يومية عن إيقافات لنواب وإطارات عليا في الدولة، وتنفيذ أحكام قضائية سابقة متعلقة بهم أو فتح تحقيقات في ما يخصهم، وذلك في إطار الحرب التي أعلنها الرئيس على الفاسدين.