يبدو أن السلطة الجزائرية قد تحسست الخطر وقررت مهادنة الشعب مجدداً، لا سيما في ظل وعيهم بأن محاولات قطع الطريق بالقوة أمام المحتجين في الأيام المقبلة، ستكون لها نتائج عكسية…
بعد سنة من التظاهرات المتواصلة، أسقطت سلمية المتظاهرين حجة السلطة في استخدام العنف لقمع الحراك الشعبي، بدافع حفظ النظام العام كما لم تفلح مناورات هذه السلطة في احتواء الأزمة بسبب ضعف معروضها السياسي.
لم تتوقف احتجاجات الجزائر بل أصبح المتظاهرون يطالبون برحيل قائد أركان الجيش أحمد قايد صالح، الذي يمثل السلطة الفعلية الحالية والذي أصبح في نظر الشارع جزءاً من المشكلة.
لم يجتمع المجلس الدستوري لدراسة مقترح رئيس أركان الجيش الجزائري، الذي أوصى الثلاثاء الماضي بتنحية الرئيس بوتفليقة، لتسهيل تنظيم المرحلة الانتقالية ولم يتنحَ بوتفليقة من تلقاء نفسه. بل نتج عن ذلك صراع داخل النظام هيج الشارع..
أصبح الكل يجاري الشارع، سواء أكانوا من المعارضة أو ممن يتحكمون بالسلطة. لا أحد يريد الإمساك بزمام المبادرة وعرض خارطة طريق أخرى. فلا أحزاب المعارضة تملك من السيطرة ما يقنع المتظاهرين ولا من هم على رأس مؤسسات الدولة قادرون على فرض حل سياسي
طالب الجزائريون بتنحية بوتفليقة، وناهضوا مشروع عهدته الانتخابية الخامسة، فكان لهم بوتفليقة من دون انتخابات لأجل غير مسمى. حالة وضعت القيادة الحالية للجيش أمام مسؤولية سياسية تاريخية، فهل سيمر الأمر بسلاسة؟
التهليل الواسع للانتفاضتين الجزائريّة والسودانيّة أكثر من مفهوم: إنّه مفهوم لأنّهما انتفاضتا حقّ في مواجهة نظامين جائرين ومتعسّفين. وهو مفهوم أيضاً لأنّهما، بمعنى ما، ينطويان على مزيد من إعادة الاعتبار للثورات التي هُزمت وقُمعت وحلّت محلّها الحروب الأهليّة والديكتاتوريّات العسكريّة.
مشى الجزائريون في مسيرات حاشدة في معظم المناطق. آلاف و آلاف وآلاف.. تظاهرات سلمية دفنت رمزيا حكم بوتفليقة المتواصل منذ 20 سنة. تتبع “درج” المتظاهرين في الجزائر العاصمة
يقوم الجنرالات الجيش الجزائري بإعداد مرحلة ما بعد بوتفليقة. ونظراً إلى الوضع الصحي الحرج والمتفاقم للرئيس البالغ من العمر 81 عاماً، والذي لم يعد يشكل حلاً للمستقبل، فهناك حاجة لخلافته ويبدو أن عملية الإعداد للأمر بالفعل.