وحدها الناصرية وساحتها الشهيرة (الحبوبي) لا تزالان تشهدان أحداثاً ساخنة ومواجهات بين القوات الأمنية والمحتجين المطالبين بالإفراج عن المعتقلين وإقالة الفاسدين والرافضين عودة الاحزاب الى عملها السياسي في الناصرية.
على رغم توسّطها جغرافياً جنوب العراق، وسباحتها على بحيرة من النفط، إلا أن مدينة الناصرية تعاني الفقر والإهمال، إضافة إلى مشكلات إدارية وسياسية، كما باتت مركزاً للاحتجاجات والثورة على الظلم وحاملة راية المطالبة بالإصلاح وتغيير النظام.
حميدة ستأتي كل جمعة إلى ساحة الحبوبي في الناصرية وفي يدها صورة ابنها. لن تتوقف عن فعل ذلك، لأنها لن تقبل بإسكات الأصوات التي تصدح لاحياء حلم من قتلوا في سبيل تحقيقه…
مئات العناصر بلباس مدني يحملون اسلحة فردية، قاموا بالتسلل إلى الساحة من منافذ عدة، وإطلاق النار وحرق جميع الخيم التي يناهز عددها الستين، ولم يكن للأجهزة الأمنية أي وجود في تلك اللحظة.
رفض المتظاهرون في بعض المدن العراقية مرور الجنائز الرمزية في ساحاتهم الممتلئة بصور الشباب الذين قتلتهم الميليشيات الموالية لإيران، لتقوم الأخيرة بقتلهم مرة أخرى.
العراق، البلد الذي يبكي فيه الرجال كثيراً حين يحين موعد البكاء، يقتلون كثيراً أيضاً، حين يحين موعد القتل. السلطة وحكوماتها لطالما وفرت لهم فرص القتل، فيما الانتفاضة اليوم توفر لهم فرصاً للقاء والبكاء والأمل.
التقيت بعادل عبد المهدي في السليمانية وفي بغداد، ولم أخل أن الرجل بإمكانه أن يكون على رأس سلطة قتلت هذا العدد من العراقيين. لو كنت مكانه لغادرت القصر فوراً.