يبدو أنه من الصعب إنقاذ أي نقاش حول حكم الزعيم جمال عبد الناصر من أيدي أنصاره المحبين وخصومه الغاضبين عليه. لم تدخل سيرة الرجل مجال التأريخ والبحث وما زالت جزءاً لا يتجزأ من الجدل السياسي حول حاضر مصر وأحلام كثيرين من أبنائها وآمالهم وأوهامهم وإحباطاتهم.
من الواضح أنّه يتعين على المرء دراسة التاريخ الحديث للشرق الأوسط، من أجل تصوّر ظاهرة الطائفيّة؛ إذ ليس من المُجدي تكرار أطروحة الأساطير البالية لكافة أنواع القوميّين والإسلاميّين الأكثر حداثةً.
بدا على شيء من الغرابة ذاك البيان الختاميّ الذي صدر عن “مؤتمر الأحزاب والقوى القوميّة والإسلاميّة واليساريّة والتقدّميّة” الذي انعقد في بيروت واختتم يوم أمس.
هل كان قائد “جيش الإنقاذ” وطنيّاً متفانياً أشعلته المرارات والهزائم التي نزلت بالمنطقة على أيدي الأوروبيّين الغزاة، أم كان خليطاً من مُغامر وانتهازيّ، أم أنّه حلّ في منزلة بين المنزلتَين، أو في المنزلتَين معاً؟
الشيء الوحيد المؤكّد أنّ “تشي غيفارا العرب” كان حصاداً بالغ البؤس، يتكرّر مرّة بعد مرّة بشروط أسوأ من سابقاتها.
تجمعني بصديقي أبو مصطفى أمزجة وهوايات كثيرة منها حبّ الكنافة. مرّةً قلت له إنّ كثيرين يفضّلون الكنافة النابلسيّة على كنافتنا، لكنّ أبو مصطفى انتفض مستاءً: “أبداً، كنافتنا أطيب”.
رقعة تناقضاتنا أكبر وأغنى من أن تختصرها أيّة ثنائيّة، وثنائيّة اليمين واليسار تحديداً باتت لا تغطّي من تلك الرقعة إلاّ مساحة صغرى لا يجوز تلخيص التناقضات بها.