مستفز ما عرضه ميقاتي علينا. فهو قاله ثم توجه إلى منزله المضاء من الطبقة الأولى إلى الطبقة المئة، فيما من دعاهم إلى التعايش مع الكابوس يئنون من موجات البرد المتلاحقة التي تضرب بيوتهم.
تستكمل الحكومة ما بدأه رياض سلامة: مهمّة التملّص من إجراء الإصلاحات الجذريّة الكفيلة بإخراج البلاد من محنتها، لمجرّد تعارض هذه الإصلاحات مع مصالح الفئات الأكثر نفوذاً مالياً وسياسيّاً.
حديث الطقس في هذا الشتاء يبدو أهم ما في يوميات اللبنانيين في ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية القاسية، التي تجعل الصقيع حملاً أكبر من قدرتهم على التحمّل، لصعوبة تأمين التدفئة مع التقنين الكهربائي الحاد وغلاء أسعار الوقود.
“كنا نستخدم مدفأة الغاز في فصل الشتاء كونها الأكثر توفيراً، أما اليوم ومع ملامسة سعر قارورة الغاز 400 ألف ليرة صارت البطانيات وسيلة التدفئة الوحيدة الممكنة”.
تُغلق البيوت على أسرارها، وتُغلق في بلادنا على بؤسها، لا سيما في مناطق الأطراف المنسية، حيث قد ينام أطفال من شدة البكاء لعدم توفر الحليب الذي تناطح أسعاره 200 ألف و300 ألف ليرة أي ما يساوي ثلث مدخول عائلات كثيرة.
لا يبدو أن الحكومة قد شرعت حتّى اللحظة بأي خطوة لامتصاص الآثار المعيشيّة لمرحلة رفع الدعم عن المحروقات، وخصوصاً من ناحية وسائل النقل المشترك التي كان يفترض تجهيزها قبل رفع الدعم.
إننا في منفى فعلي عن العالم، عن التطوّر، عن الكهرباء، عن الغذاء المؤمّن للجميع، عن التقدّم الطبي الذي جعل الأدوية متوفرة والمستشفيات مجهّزة لمساعدة المرضى. إننا في منفى، العالم هناك ونحن هنا، والهوّة شاسعة.