لم يجتمع المجلس الدستوري لدراسة مقترح رئيس أركان الجيش الجزائري، الذي أوصى الثلاثاء الماضي بتنحية الرئيس بوتفليقة، لتسهيل تنظيم المرحلة الانتقالية ولم يتنحَ بوتفليقة من تلقاء نفسه. بل نتج عن ذلك صراع داخل النظام هيج الشارع..
بعد قرابة 6 أسابيع من التظاهرات المناهضة لمنظومة حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، تحاول السلطة استرجاع المبادرة السياسية من أجل تجديد نفسها، بتخليها عن الوجوه التي صب الشارع غضبه عليها، وفرض خارطة طريق لفترة انتقالية تمكنها من تجاوز حالة الانسداد بأقل الأضرار.
حتّى اللحظة، لا يزال المحتجّون مصرّين وصاخبين، على رغم سلميّتهم. إلّا أنه في ظلّ غياب قرار حازم وغير عنفيّ، من المرجّح أن تقود الاضطرابات إلى ظهور تحدّيات أمنيّة شائكة؛ لا من حيث الاضطرابات وإجراءات القمع الأمنيّ وحسب، وإنّما أيضاً من حيث إتاحة مجال إضافيّ للجماعات الجزائريّة المسلّحة للظهور من جديد والتوسّع.
إذا كانت التظاهرات الشعبيّة هي ما فرض على بوتفليقة عدم الترشّح لعهدة خامسة، فإنّ “سبباً إضافيّاً دفع في هذا الاتّجاه”، ذاك أنّ الرئيس، وفي الليلة التي سبقت إعلان تراجعه عن الترشّح، استقبل الرئيس الراحل هواري بومدين في أحد أحلامه…
طالب الجزائريون بتنحية بوتفليقة، وناهضوا مشروع عهدته الانتخابية الخامسة، فكان لهم بوتفليقة من دون انتخابات لأجل غير مسمى. حالة وضعت القيادة الحالية للجيش أمام مسؤولية سياسية تاريخية، فهل سيمر الأمر بسلاسة؟
أراد الجزائريون أن تكون الابتسامة عنوان حراكهم فكتبت متظاهرة ” ثورة الابتسامة” و أبدع كثيرون في رسم التعابير الهزلية لوصف حجم المظاهرة أو لتصوير الأوضاع التي يعيشونها والتنديد بفساد منظومة الحكم. فهل سيفرز الحراك بنية قادرة على وضع خارطة طريق للتغيير؟
التهليل الواسع للانتفاضتين الجزائريّة والسودانيّة أكثر من مفهوم: إنّه مفهوم لأنّهما انتفاضتا حقّ في مواجهة نظامين جائرين ومتعسّفين. وهو مفهوم أيضاً لأنّهما، بمعنى ما، ينطويان على مزيد من إعادة الاعتبار للثورات التي هُزمت وقُمعت وحلّت محلّها الحروب الأهليّة والديكتاتوريّات العسكريّة.
مشى الجزائريون في مسيرات حاشدة في معظم المناطق. آلاف و آلاف وآلاف.. تظاهرات سلمية دفنت رمزيا حكم بوتفليقة المتواصل منذ 20 سنة. تتبع “درج” المتظاهرين في الجزائر العاصمة
كيف يمكن إقناع الجزائريين بجدوى عهدٍ جديدٍ لرئيسٍ لم يعد قادراً على مخاطبتهم؟ لقد ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة. هذا الأمر عمّقَ من شعور الجزائريين بالإهانة وأخرجهم إلى الشارع…