يسود في الضاحية صمت غريب بعد أي حادثة أو فاجعة في أرجاء الوطن، التجوال في شوارعها وبين محلاتها هو رحلة للبحث عن الناس وما يجول في خواطرهم في هذه الأثناء واللحظات المفصلية.
من يجول في مناطق نفوذ “حزب الله” في الضاحية الجنوبية أو في جنوب لبنان سيلمس ثقل الخبر، فهناك ما يذكر بأجواء هذه المنطقة يوم اغتيل عماد مغنية، رفيق درب سليماني عام 2008 بتفجير في سوريا.
على مدى 12 عاماً، اعتاد اللبنانيّون تجديد مجلس الأمن الروتيني لولاية القوّات الدوليّة الموقّتة، أو “اليونيفيل”، العاملة في جنوب لبنان. أمّا التجديد الثالث العاشر، وإن مرّ كما سابقاته من قرارات التجديد، فلا يبدو أنّ المحادثات المُحيطة به خالية من الضغوط.
الاختلافات في اختيار المشاريع التجميلية للضاحية، ما بين تلوين الجدران الأمامية للجسر، وبين تدمير هيكل أساسي فيه وإعادة بنائه، تطرح علامات استفهام كبيرة حول سياسات التخطيط المدني العشوائية، ليس في الضاحية فقط بل في كل المناطق التي تشبهه
أتركُ زحمةَ الحاجز الأمني خلفي، وأدخل راجلةً إلى قلب الضاحية الجنوبية، أدندن وأنا أنسلُّ من بين مكعبات الباطون المتراصة، أغنية مارسيل خليفة “من أين أدخل في الوطن”.
بضع خطوات وينفتح المشهد أمامي.
تعرّض محمد لطعنة قاتلة أودت به من قبل حسين(17 عاما)بعد شجار حول نتائج مباريات كأس العالم. السكين التي قُتل بها محمد متوفر في المتاجر التي تبيع المعدات الحربية وهي منتشرة بكثرة، واستخدمت اداة ارتكاب جرائم عديدة مؤخرا..
طيلة السهرة كان الشبان يراقبون هواتفهم، ما جعل اللعب مملاً على إثر تباطؤهم في رمي الأوراق. فحمزة كان يترقب هاتفه بتوتر كبير، أملاً بأن يسجل فريق “ساو باولو” في الدوري البرازيلي هدفاً، فيُحسم بذلك صراع الأموال لمصلحته. وحده أدهم، نظر مرات إلى هاتفه وضحك مردداً “أكلنا هوا للمرة الألف”. فالشبان الأربعة، نموذج حالة أخذت في السنوات الأربعة الأخيرة تتنامى داخل المجتمع اللبناني، فهم يوفرون دخلهم اليومي عبر المراهنات على كرة القدم، وهذا أمر يشترك فيه أصدقاؤهم أيضاً.