حين كنت في التاسعة عشرة من عمري وجدت نفسي أواجه تجربة جديدة عليّ، اختطفت من بيتي وعائلتي وجامعتي ليزج بي في عالم السجون والأقسام. وكانت عليّ مواجهة هذا العالم، وأنا لا أعرف كم من الوقت سأمضي في هذا المكان.
لن يحج سعوديون في المملكة إلى السفارة اللبنانية هناك للاعتذار من السفير اللبناني على اهانة كهذه. سيصمت اللبنانيون هناك لأنهم يعلمون انهم مهددون بلقمة عيشهم. وسيصمت السياسيون اللبنانيون هنا…
غياب نمط واضح لعمليات الاعتقال والتدوير وغيرها، يبقي الأمور ضبابية ويجعل الجميع في حال دائم من توقع الأسوأ لأنفسهم ولذويهم وأصدقائهم داخل السجون وخارجها…
بينما ننتظر التوصل إلى حلول جديدة أو تغيرات في تركيبة السلطة الحالية تسمح بوجود حلفاء داخليين جدد، على نصر وآلاف غيره أن يدفعوا أثماناً باهظة لممارسة أحد حقوقهم، أو لكونهم مصريين.
البيانات، قاصرة عن الإحاطة بتعقيد الأوضاع، حتى بما يخص الموقف، فضلاً عن كونها استكمالا للسلوك الحزبي لدى بعض المثقفين المقتنعين باستمرار وهم الأدوار السابقة…
أصبح السجن “مدرسة” المثقفين والمؤمنين والسياسيين، وتحول الطارئ المعطوف على تجارب مؤلمة، إلى دائم، يمكن تأويل ما يحتويه من ألم بوصفه نضالاً ومقاومة وصموداً، حيال آلة التعذيب والموت اليومي.