مع كل مشهد تضييق جديد، ومع كل استعراض للقوة وتهديد للحريات والصحافة والنشطاء، يطلّ علينا محبو “الرينجر” من جديد، ويعيدون على مسامعنا خطاب الـ”اضرب بإيد من حديد”، و”ادعسوهم” و”ربّوهم”…
لماذا علينا نحن المساكين، الملتزمين بكماماتنا، أن نراعي الظروف الاقتصادية والمنهبة التي نُفذت بحق أموال الدولة وأموال المودعين، ونتفهّم أن أصحاب الملاهي والمراقص يريدون أن يسترزقوا من حفلات الأعياد، وندفع ثمن ذلك كله من صحتنا الجسدية والنفسية؟
ليس سهلاً أن تعيش في مكان يحتاج دوماً إلى تبرّعاتك ورعايتك، فتصبح مدينتك التي يفترض أن تكون مصدر أمانك واستقرارك، شخصاً تعمل في تطبيب جراحه طوال الوقت، من دون يوم عطلة واحد.
أنا لا أدعو إلى إحراق تاريخ أحد، ولا إلى إتلاف كتب النحو والصرف وجنودها الأوفياء، لكنني أتمنّى للغة في عيدها بعض الحرية والتجدّد، أتمنّى أن يُسمح لها بالتبسّم أمام تعبير جميل، وإن ورد فيه خطأ.
يبدو أن رهاب الحصانة قد بدأ ينكسر، وهذا أول الغيث في محاسبة المسؤولين ليس عن جريمة المرفأ وحسب، بل أيضاً عن جرائم كثيرة كنهب أموال اللبنانيين والصفقات المشبوهة التي تفوح رائحتها من الإدارات العامة والمؤسسات والوزارات.
فيما تعدّ سيّدة الليرات التي بحوزتها لتتأكد إن كانت تكفي لشراء ثلاثة سراويل كحلية لأطفالها من أجل المدرسة، يحنّ التاجر قليلاً على حالها ويقول: “بلا حقّهن يا مدام”. تبتسم ابتسامة مقهورة، ثمّ تعطيه 300 ألف ليرة، ربما هي كل ما تملكه…