يبدو فعلاً أنّها سوريا، المتناقضة بأحداثها وردات فعل سكانها وتفاعلهم مع الأحداث من حولهم، فحين لا يبقى للإنسان شيء وهو غير قادر على تغيير واقعه تتحول حياته بشكل ما إلى كوميديا سوداء.
سأحدثكم عن طين دمشق، حيث نقفز من فوق السخام والمياه الآسنة أو نخوض بها، عن ملمسه اللزج تحت أقدامنا، نحن الذين نسكن الأحياء العشوائية والمخيمات أو على أطراف دمشق.
غدت جرائم قتل النساء جزءاً من صيرورة حياتهن في سوريا، وقد تقع في أيّ لحظة حتى لو بعد 36 عاماً كما حصل مع أمل، وقد تُقتل أيّ امرأة في أيّ عمر بالذريعة ذاتها.
ما الذي يحكمُ علاقتنا بأوطاننا؟ أهو الانتماء، الحبّ أم ما يقدمه لنا هذا الوطن؟ وإن لم يستطع تقديم شيء سوى الأسى، هل يستطيع الحبّ الحفاظ على علاقتنا به؟
بعد 10 سنوات منهكة ما زال السوريون يختارون الليل ليداروا به هويّاتهم ويعملوا ومن ثم يخرجون نهاراً بحثاً عن قوتهم، في حياة لا تبدو عادلة وإن سئلوا، لكن أهذه حياة؟ يردون بخيبة: لا نريد أن يجوع أطفالنا.
الوضع التراجيدي يحدث اليوم تحديداً في غرف الإسعاف حيث ينتظر فرصةً لإيجاد سرير، وحين لا يكون هذا السرير متوفراً، ينتظر المريض في غرفة الإسعاف، خلو واحدٍ أو موت أحد المرضى أو يعود إلى منزله، ويواجه مصيره…
لم أستطعْ فعلَ شيء لها، تابعتُ طريقي بعد أن ضربها على رأسها بقوّة وسط الشارع حتى كادت تقعُ أرضاً، كانت في الثالثة أو الرابعة عشر من العمر، لم تجرؤ على رفعِ رأسها بعدما ضربها مردداً: “ياكلبة”.