آلية التدخل هنا مختلفة عن تلك المعتمدة في باقي الازمات وليس السبب أن هذه المنظمات تفرق بين لاجئ ابيض مع عيون ملونة وآخر أسمر او عربي بل لأن الأزمة تحصل في بلاد مجهزة ومحضرة لجميع انواع الكوارث وتعرف جيدا كيفية إدارة الأزمات. يظهر ذلك جليّا اذا ما قارنّا بين كيفية تعامل لبنان او الأردن مع أزمة النزوح السوري وكيف تدير الدول الأوروبية أزمة النزوح الأوكراني.
كلّ ما يهمني الآن شراء حمار لنقل المياه من “عين الضيعة”، لأنها بعيدة نسبياً من المنزل وكلما أتذكر سنين طفولتي حاملا “غالون” 20 ليتراً من أسفل القرية إلى المنزل، يؤلمني ظهري.
لطالما كانت عكار منسية وليست المجزرة الأخيرة سوى مشهد من مشاهد النسيان الكثيرة، ونتيجة حتمية للإهمال والمراوغة والوعود التي لا يفي بها أحد. عكار الجريحة اليوم ضحية هذا التعاون المصلحي بين سياسيين ورجال أعمال، على حساب الفقراء والمنهكين.
منذ لحظة اندلاع الحريق هناك سخط وغضب كبير على الدولة وأجهزتها ونوّاب المنطقة. العوامل الطبيعية زادت من هوّل الكارثة ولكن كيف يعقل لمنطقة تكسوها الغابات وتتجدد فيها الحرائق سنويا أن لا يكون هناك خطة عمليّة لادارة الكوارث؟
الناس أصبحوا يمرون من أمام المرآة غير آبهين، كخيالات تمرّ ولكنها لا ترى نفسها. لا أحد يريد التقاط صورة على هذه المرآة بعد الآن. أحقاً نريد أن نرى وجوهنا مع هذه الخيبات؟
التقط علبة الدخان ليريني عبارة: “التدخين يقتل”، “بيروت تقتل” وليس التدخين. اقتربت منه فتاة صغيرة واضعة وجهها على كتفه. نظر إليّ مجدداً وقال “ما بدي مساعدة خدو البنت وخيها وسفروهن ليعيشوا، ما بدي يموتوا هون”.
“شو إجاكي بنت أو عسكري؟” إنها النكتة الأكثر تداولاً عن عكار. فعلاً لا يكاد يخلو بيت في عكار من “عسكري”، فأصبح لقب “خزان الجيش”، يرافق كلمة عكار في الإعلام وبخاصة عند أي حادث يتعرض له الجيش.
عندما طرحت المذيعة سؤالاً على أحد العكاريين عن سبب وجوده في بيروت للتظاهر، عادت إلى ذاكرتي عشرات الاسئلة التي كانت تطرح عليّ كعكاري في الجامعة اللبنانية: “وين بتصير عكّار؟”