ما قام به الأخوان ميقاتي، لتسهيل موافقة الانقلابيين على الصفقة، لم يكن سوى تحاصص ملكيّة القطاع مع النخبة الماليّة النافذة في ميانمار، والتي تتشابك مصالحها مع مصالح العسكريين القابضين على الحكم هناك.
باتت الدعاوى القضائية المسألة الوحيدة التي يمكن وضعها كأداة ضغط على القطاع المصرفي، للشروع بمسار الخطّة التي يمكن أن تفضي إلى رد أموال المودعين، وتحييدهم عن مسار معالجة الخسائر.
تستكمل الحكومة ما بدأه رياض سلامة: مهمّة التملّص من إجراء الإصلاحات الجذريّة الكفيلة بإخراج البلاد من محنتها، لمجرّد تعارض هذه الإصلاحات مع مصالح الفئات الأكثر نفوذاً مالياً وسياسيّاً.
ظهر الجسم القضائي في الأيام الأخيرة في أسوأ صوره: بين ربط قدرة القضاة على فرض قراراتهم بنوعيّة المظلّات السياسيّة التي يحظون بها، وقدرة السياسيين على كسر هيبة بعض القضاة وفرض تراجعهم عن قراراتهم.
مع الانهيار المالي، تحوّل سلامة إلى صمّام الأمان للنظام السياسي اللبناني، حيث استعمل جميع صلاحيّاته لعرقلة جميع الإصلاحات التي كان يمكن أن تمس بمصالح أقطاب هذا النظام، أو التي كان يمكن أن تكشف بعض ارتكابات المراحل السابقة.
بغياب أي تحقيق قضائي جدّي حول مصير الأموال المهرّبة، وفي ظل اقتصار صلاحيّة رفع السريّة المصرفيّة لهذه الغاية بهيئة التحقيق الخاصّة، التي تمتنع عن إجراء أي تحقيق بهذا الملف، يصعب تحديد رقم دقيق لحجم الأموال المهرّبة أو هويّة المستفيدين الفعليين منها.
كل ما يحصل اليوم على مستوى توجيه أصابع الاتهام إلى خفايا السوق الموازية والتطبيقات الإلكترونيّة، لا يعكس سوى تهرّب حاكم مصرف لبنان من مسؤوليّته تجاه الأزمة وفوضى أسعار الصرف.
تمتلك النقابات اللبنانيّة ودائع كبيرة داخل النظام المصرفي، منها ما هو مخصص لصناديق محددة، كصناديق التقاعد أو التعاضد أو تلك المخصصة لتغطية الحالات المرضيّة والمساعدات الاجتماعيّة، ومنها ما هو مخصص لحفظ الأموال المتأتية من الاشتراكات لتغطية مصاريف النقابات اليوميّة.