تسعى السلطة عبر إثارتها للخوف، إلى أن تنعدم ثقة المحكومين بأنفسهم، وثقتُهم ببعضِهِم، وبالآخرين، وثقتهم بالمستقبل، وهكذا تَسلِبُ السلطةُ قوّتهم وإرادتهم كي يلتفّوا حولها…
ترى اللائكية أنّ الدين بحيازته السلطة السياسية كان أخضعَ الاقتصادي والاجتماعي والثقافي لإرادته، ما يجعله قادراً بشكل مُطلق على ابتلاع المواطنين وإغراقهم في “الجهل”.
لا يزال الدين في الكثير من دول العالم رفيق درب الحكومات، وأداتها الناجعة في ممارسة السلطة… لكن، ماهي المشكلة التي يفرضها الدين؟ ولماذا يكمن الحل النهائي لهذه المشكلة في اللائكية الفرنسية تحديداً؟
إن كنت مهتماً بالدفاع عن الإسلام، فانظر إلى الطريقة التي يتم تسخير السياسيين له بها، راقب أردوغان كيف يهدد أمن العالم بالإسلام، أو الأزهر الذي يعيش في عالم موازٍ ولم يجرؤ على تجريم داعش (لأن لداعش نصوصها داخل القرآن)… هل سمعت أحداً منهم يقول: دع الدين للأفراد وتعال نبني الدولة للجميع؟ هل يجرؤ حاكم منهم على قول ذلك؟
مع بزوغ نجم المحللين النفسيين بداية الخمسينيات، وتنامي نفوذهم، بدأت “نخبة” أمريكية جديدة تنبثق يَربطها قاسم مشترك يتجسّد في الفرضية الفرويدية القائلة بلاعقلانيّة الجماهير. كان الطريق أمام تلك النخبة مفتوحاً ومُعبّداً لاستغلال التقنيات النفسية الجديدة في السيطرة على لاوعي الجمهور..
اعتقدت آنا فرويد أنّ بإمكانها تحرير أطفال برلنغهام وتخليصهم من اضطراباتهم بتغيير شكل العالم في أذهانهم وتصويره كحالة طبيعية، اعتقدت أنّ بإمكانها أن تدخل بيئتهم الخاصة، تتحدث مع والدتهم، ترافقهم إلى المدرسة، أن تُحيط بكل عالمهم الخارجي-الحقيقي وتؤثر فيه.
قبل الاستطلاع العلمي للرأي العام الذي أسسه غالوب، كانت الأفكار الأكثر شيوعاً هي أنه لا يمكن الوثوق بالرأي العام لأنه لاعقلاني، غير ذي علم، فوضوي، وجامح.. لكن غالوب كان يرى أن الناس عقلانيون، وأنه يمكن أخذ قرارات صائبة منهم.
ما فعلهُ بيرنيز حين أقنع نساء الولايات المتحدة بالتدخين بدعوى أنه “يجعلهنّ مستقلّات” سَحَر الشركات الأمريكية التي ازدادت ثروتها وقوّتها في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى.
أخبرَ بريل بيرنيز أن السجائر يمكن أن ترمز لقضيب الرجل وقوته الجنسية، ثم أخبره أنه لو كان بالإمكان إيجاد طريقة لربط السجائر بفكرة تحدّي الذكورية فستدخّن النساء، لأنهن حينئذٍ سيمتلكن أعضاءهن التناسلية الذكرية الخاصة بهن.