لو اضطررت للمفاضلة بين أمثال “صدام حسين” و”القذافي” أو المنظومة التي أتى من خلالها “دايفيد كاميرون” أو “بوريس جونسون” أو “ريشي سوناك” (على العلات التي ذكرنا)، فأيٍ نموذجٍ ستختار ولماذا؟
إن تركت مديرية التحرير واتجهت شرقاً إلى أرياف مصر القديمة، تلك التي وهبها النيل أرضاً طينيةٍ شديدة الخصوبة عبر قرون من فيضانه ستجد أسماء لا تَكَلّف فيها، ترتبط بالبيئة أو بمن سكن هذا المكان أو ذاك أو أي تشبيه رأوه في مساكنهم ومزارعهم.
إن استغربتم أن بيننا من يعتبر خروج الولايات المتحدة من أفغانستان نصراً للإسلام، ومن ثَم تُرادف “طالبان” عنده كل خير، فتذكروا أن بيننا أيضاً، من يرون في البعثي صدام حسين بطلاً شهيداً و جمال عبد الناصر زعيماً خالداً.
الوجه العنيف للإسلام السياسي خطر أمني، بلا شك، لكن التعامل معه من هذه الوجهة فقط يماثل قص الحشائش الضارة من فوق الأرض بينما الجذور سليمة وتتكثف، متحفزة للنمو بقوةٍ أكبر.
أين في بلادنا السعيدة نعرف نحن الانقلابات العسكرية؟ أو حكاماً يعانون لهجاء كلمة يقودون حكوماتٍ وجيوشاً؟ أو، لا قدر الله، مدنيين يلبسون زي العسكريين بين عشيةٍ وضحاها؟ كطبيب عيون مثلاً؟
كان عم مصباح يدور بين الموائد صائحاً بصوت لا يقل جهوراً عن هذا الذي يأتي به بالطلبات: “الشطة حامية ناااار”، خشية أن يضع أحدهم أكثر من بضع قطراتٍ في طبقه فيشتعل فوه حريقاً لا ينطفئ.
لم أصعد للطابق الأعلى، حيث كنا نجتمع في الأعياد، وكنا نسهر في الشرفة الكبيرة. السلم المتهالك أخافني، هممت بالخروج لكن لوهلة حدثتني نفسي بالبقاء. ما الضير من الاتحاد بهذا البناء المتهالك، من السقوط معه؟
تاريخ آيا صوفيا الضارب في القِدم، كما تاريخ المدينة التي تقع في قلبها، والامبراطوريات التي ارتكزت هنا، يستحيل اختزاله إلى ما يود الإسلام السياسي أن يراه.