لا يمكن الاكتفاء بالدور الأميركي في دفع السعودية لإعلان مبادراتها المبجلة للسلام في اليمن، فمجال اختبار التوجه السعودي نحو السلام في اليمن ومثله التوجه الأميركي المعلن، ليس ما تصدره من تصريحات، بل يتمثل بالسلوك النافذ للسعودية وحليفتها الإمارات.
ومع أنه لم يعد هناك شيء يذكر من مبنى المدرسة، إلا أن الطلاب يتوافدون يومياً للدراسة، بعضهم بثياب ممزقة رثة، يمشون -بعد هذه السنوات من إجهاض حلمهم- بين الركام بلا مبالاة.
مع الوفرة في المال السياسي للأطراف (الخليج/ إيران) المتقاتلة بالوكالة، أُنهك الفضاء العام بعدد مهول من قنوات فضائية ومواقع إلكترونية، لا هدف لها سوى ليّ عنق الحقيقة، بما يطيل أمد النزاع، ويبدو أنها حققت جزءاً من مسعاها.
ما الذي سيخلص إليه التصعيد العسكري في الحديدة لحشود الهجوم لتحالف السعودية والإمارات ووكلائهما المحليين من جهة، وحشود مقاتلي جماعة الحوثيين المسلحة من جهة أخرى؟
وإذ عطّلت الحرب طرقاً ومنافذ اعتيادية كثيرة، يسلك المواطنون طرقاً بديلة، طويلة وعرة وغير معبدة في أجزاء واسعة منها. إلى ذلك، تفتقر هذه الطرق للخدمات، وتنطوي على مخاطر متعددة
بينما كنا أنا وزميلتي من وحدة الدعم القانوني في منظمة مواطنة، في ساحة المحكمة الجزائية المختصة، لحضور إحدى جلسات محاكمة أحد البهائيين، صادفنا عضو النيابة المترافع في القضية يوجه عناصر الأمن بالقبض على أي بهائي يحضر إلى المحكمة لمتابعة سير المحاكمة. وجه العضو ذاته التهديدات المتتالية للمحامين المترافعين في قضايا البهائيين والمنظمات التي تتابعها، أطلق العديد من التهديدات والاتهامات في ساحات المحكمة ومكاتبها، أمام القضاة، في مصادرة فجة لسلطة القضاء الذي يفترض به كفالة حقوق المواطنين في التقاضي والدفاع القانوني.
يبدو أن الدول الكبرى المصدرة للأسلحة تساهم بطريقة أو بأخرى في صناعة الحروب والأزمات وتحفيز التوترات، لتستمرّ في بيع الأسلحة، من خلال خلق الحاجة المتواصلة إلى الكميات الضخمة التي تنتجها وتصدرها إلى بعض الأنظمة الملوثة بالفساد والاستبداد.
اليمن مثال بارز على ذلك..
مع طول أمدها، استقرت الحرب في اليمن على حال من الكمون. استنفذ خيار الحسم العسكري فرصه، ووصلت مختلف الأطراف إلى حال من توازن الضعف، وبرزت التباينات الحادة داخل مربعات الحلفاء لتعبّر عن نفسها على شكل مواجهات عسكرية في صنعاء وعدن وتعز، مع إخفاق الأطراف كافة في تقديم نموذج ناجح بعد أن باتت تبسط سيطرتها على كانتونات اليمن الذي مزقته الحرب وقوضت دولته، وصنعت فيه أكبر كارثة إنسانية على مستوى العالم، وبرزت بشكل واسع الكثير من التساؤلات حول مبررات الحرب وأهدافها الحقيقية وعدميتها…